آخـــر المشاركـــات

وتبقى القوانين أشباحاً

 



نستيقظ لنشرب قهوتنا ونبحث في هواتفنا عن أغنية صباحية، وجريمة صباحية أيضاً كانت قد اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي السورية خلال ساعات نومنا، نناقش أحداثها خلال ساعات العمل، اليوم ضحية جديدة
#آيات_الرفاعي

جريمة أبطالها شخوص في مجتمع نشأ على تبني فكرة الزواج المبكر لاعتبارات تتعلق بمفهوم الستر من مبدأ الخوف على الشرف وخوف العوز الذي يقدمه الشاب للأنثى (الضلع القاصر)

هل ستؤثر جريمة قتل "آيات الرفاعي" في ضمير وإنسانية مجتمعنا الغارق في الوحل منذ مئات السنين لا أظن... فالمجتمع القائم على التربية الذكورية، ينتج ذكورا ضعفاء من داخلهم مهزوزي الثقة بالنفس، يبحثون عن امرأة ضعيفة ليمارسواذكوريتهم عليها.، وهذا طبيعي لأنه تربى في حضن أم عانت من زوجها الذكوري، ومن أمها التي اعتبرتها قنبلة موقوتة يجب الإسراع بالخلاص منها بالزواج. ومن حماتها التي انتقمت لنفسها بشخص كنتها.

هذه الأم التي تشتعل نار الغل والحقد في نفسها كيف ستربي ابنها؟
"آيات" نموذج لمئات الآلاف من الفتيات.. وزوجها القاتل ضحية تربية أمه القاتلة والضحية أيضا. لا تنعوا آيات لوحدها، فمجتمعنا بكامله يستحق الرحمة.. فالرجل قائد المرأة لا سيدها، والمرأة تعيش في كنفه، وليست أمته.. لم تكن القضية يوما من يسيطر على من ولا من يلغي من....!


القضية كانت دوما في أن يحنو الكل على جزئه، وأن يحتمي البعض بكله.... وحين فطر الله الرجل ليكون قواما هذا يعني أنه جعل المرأة إحدىٰ مسؤولياته لا إحدىٰ ممتلكاته...
وحين فطر المرأة لتعيش في كنف الرجل فلأنه فطره -أولا- أن يحب رقتها ويستعذب لجوءها إليه....!


كثير من الجرائم، حتى تلك التي أخذت صدىً عالمياً لبشاعتها، انتهت بحرية الجاني عندما تم تحويلها إلى أروقة القضاء العربي، مثل جريمة قتل الشابة الفلسطينية إسراء غريب، التي تضاربت الروايات بين أنها «جريمة شرف» أو جريمة عنف أسري، وفي كلا الحالتين فالشابة الصغيرة أزهقت روحها بأبشع شكل، وأُفرج عن الجاني بعد أقل من عام، ليتمتع الجاني بالحرية، أو بالأحرى الجناة، فقد اشترك ذكور عائلتها مع صهرهم بقتل ابنتهم ضرباً حتى الموت!

لماذا كل هذا العنف، وهذه الكراهية تجاه النساء؟

في أي وسطٍ حللن ينتظرهن العنف، والموت، والإقصاء، والاستهانة، حتى لو كان في الوسط العملي! تهمهن جاهزة دائماَ، وخصوصاً إذا ما تكافلت مجموعات منهن، أو طالبن بحق من الحقوق، حينها تُلصق بهن صفات الشر، وتهم إفساد الجيل، والمجتمع، والشباب، والتعليم، والدين، ويخرج علينا كل من هب ودب بفتاواهم، وتهمهم، وقرارتهم. لقد تزايد كل هذا في الفترة الأخيرة، وصرنا نستيقظ يومياً على كميات هائلة من السخرية، والتشهير، وخطابات الكراهية ضد النساء، كل النساء، ولا أخص بالذكر هنا النساء العاملات في الشأن العام وحدهن، أو الناشطات النسويات فقط، حتى لو كن الذريعة الأساسية التي يتذرع بها أشخاص ذكوريون بالمطلق استولوا على مكاناتهم ومكاسبهم الشخصية في المجتمع نتيجة خطاباتهم الشعبوية، أو ادعاءاتهم الثورية، وغيرها. لم يبقَ لهم من الموجات ما يركبونه سوى معاداة أنشطة النساء، وعملهن، واتهامهن بالعمالة حيناً، وبإفساد قيم المجتمع حيناً آخر، وبالتخلي عن «مهماتهن الأساسية» ألا وهي طاعة الزوج، وإنجاب الأطفال، وإطعامهم، وتلبية رغبات الزوج الجنسية حتى بما فيها من «فانتازيا» يريدها من حينٍ إلى آخر.

أقلق ضمنياً من أن نصل مرحلة تقاوم فيها الكراهية بالكراهية، ولا أريد أن أسمع صوتاً في رأسي يقول:
«وداوها بالتي كانت هي الداء»

على ما يبدو لا مهرب من طوفان الكراهية تجاه النساء في مجتمعنا، ولا منقذ سوى الحب لمجابهة الكراهية، وهنا لا أقصد الحب من طرف النساء فهو دائماً ما كان في متناول اليد، ولم يقدم الكثير لصالح النساء، بل على العكس نساء اليوم يجب أن يقدمن عاطفة أقل، وإصراراً أكبر تجاه مختلف حقوقهن المدنية والاجتماعية، رغم أن العمل المستمر الدائم لمناصرة النساء وحقوقهن، والإضاءة على قضاياهن وتاريخ نضالهن هو الوسيلة الوحيدة المتاحة اليوم لدعمهن، وتحفيز التفكير بقضاياهن العادلة والمحقة، ورغم كل ما ستقاسيه المرأة في طريق حريتها وحقوقها. لا أرى مخرجاً من هذا العبء والخطر الكبير على النساء سوى الحب، والحب وحده الذي سيدفع الأب والأخ والشريك إلى رمي سلاحه واحتضان ابنته، والاستماع إلى ألمها وقلقها أولاً، ثم الحكم بما يقتضيه المنطق والإنسانية، قد يكون هذا حلماً في الشرق الأوسط وليس فقط سوريا، لكن لن ينقذنا سواه.

ليست هناك تعليقات